التربية والتعليم وتكنولوجيا المعلومات في البلدان العربية: قضايا واتجاهات- الكتاب السنوي الرابع
في البدء، عندما عرف الحاسوب الميكروي طريقه إلى المدارس في البلدان المتقدمة وانتشر استعماله فيها، ساد الانبهار بقدراته، وتَمحْوَر اهتمام اختصاصيّي التربية والقيّمين على المناهج حول الآلة بحدّ ذاتها، وحول هدف تزويد التلاميذ بالثقافة الحاسوبية، دون اهتمام كافٍ بدور الحاسوب كأداة تعليمية مساعدة في مختلف مواد المنهج. وهكذا جرى تعديل المناهج في بلدان عدة، لاستحداث مواد مدرسية جديدة تهدف إلى تزويد التلاميذ بمهارات الحاسوب وتدريس مادة المعلوماتية، كمادة منفصلة مستقلة. ولم تطَل التعديلات المواد الدراسية الأخرى، بحيث يُدمَج استخدام الحاسوب فيها. وكانت البرمجة (خاصة بلغَتي باسيك Basic وباسكال Pascal) موضوعاً أساسياً ضمن هذه المواد الدراسية الجديدة. ولكن، منذ ذلك الحين، ومع التطورات السريعة في عتاد الحاسوب وبرمجياته، ومع تطور الوسائل المتعددة الوسائط ووسائل الاتصال، أخذ محور الاهتمام ينتقل من التكنولوجيا وتقنياتها إلى المعرفة التي ينبغي أن تنمّيها وتعزّزها. فقد تنامت النظرة إلى التكنولوجيا كوسيلة لتعلّم مختلف المواضيع المدرسية وكوسيلة في خدمة المعرفة لا كهدف معرفي بحد ذاتها. تقدّم هذه الورقة مراجعة لنماذج مختلفة من الاستخدامات التعليمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في تعليم مادة الرياضيات. وتبدأ المراجعة بإلقاء نظرة عامة على أنماط استخدام تكنولوجيا المعلومات التي تمّ اعتمادها حتى الآن في تعليم الرياضيات، من البرمجة إلى التعلّم على الشبكة، مروراً بالبرمجيات التعليمية والعوالم الميكروية. ثم تقدم الورقة أمثلة محددة لتجارب من عدد من البلدان المتقدمة والبلدان النامية. ويؤمل أن تقدم هذه الأمثلة نماذج ممكنة لدمج استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم، على نطاق أوسع.