بعد قراءتنا للإطار المرجعي للمنهاج الجديد، المسودّة الثانية، ماذا نستنتج عن الفلسفة المتّبعة لبناء المنهاج الجديد

جنان كرامه شيّا

تشير فلسفة المنهاج إلى المعتقدات والحجج والافتراضات التي يتمّ تبنّيها والإستناد عليها لبناء المنهاج الذي من خلاله يبنى الفرد والمجتمع. فلكلّ فلسفة معيّنة اهدافها التي لا تتحقّق الّا من خلال اعتماد نظريّات تعلّميّة معيّنة تحدّد معايير و مؤشّرات عمليّة التعلّم و دور المتعلّم و المعلّم و المدرسة و المجتمع. فإن سؤال “أي نوع من المواطنين نحاول بناءهم؟” هو نقطة البداية لفلسفة المنهاج المعتمد. نستنتج من قراءة الأدبيات بأن هناك أربعة فلسفات تربويّة رئيسية للمناهج: المذهب الدائم ، والجوهرية ، والتقدمية وإعادة البناء . تعتبر الفلسفات التربوية التقليدية المذهب الدائم والجوهرية. بينما تعتبر الفلسفات التربوية الحديثة التقدمية وإعادة البناء.

بالنسبة لفلسفة المذهب الدائم ، انّ غرض المنهاج الأساسي هو مساعدة المتعلّمين على اكتساب المعرفة المتراكمة في التخصّصات الأكاديمية. مناصروا هذه الفلسفة يعتقدون أن التعليم هو نفسه للجميع، و يعتمد على حقائق ثابتة، حيث يجب على المنهج المعتمد أن ينقل المعرفة الفكرية و ينمي العقل البشري.

بينما تؤكد الفلسفة الجوهرية على أن الهدف الأسمى للمنهاج هو نقل الخبرة الجماعية والمعرفة والتراث الثقافي إلى الجيل القادم. إنها حركة فلسفية محافظة وكانت الفلسفة الأكثر قبولًا والأطول ممارسة في العالم. يعتقد مناصروا هذه الفلسفة أن الغرض الأساسي من التعليم هو تلبية احتياجات المجتمع بكفاءة من خلال تدريب المتعلّمين على المهارات والإجراءات كي يصبحوا أعضاء مساهمين في المجتمع بالطريقة التي يحدّدها لهم صانعي المناهج.

ظهرت الفلسفة التقدمية كرد فعل على الجوهرية حيث تعتبر بأنه من غير الممكن ان يكون هناك أفكار ثابتة ودائمة بل متغيّرة من خلال التجربة حيث يستطيع الفرد اعادة بناء المعرفة نتيجة ما يختبره. أن الهدف الأساسي من التعليم هو نمو الأفراد، كلّ بوتيرته الخاصّة في انسجام مع سماته الفكرية والاجتماعية والعاطفية والجسدية الفريدة، على أن تكون المدرسة مكانًا ممتعًا ، يتطوّر فيها المتعلّم و ينمو وفقًا لطبيعته الفطرية. يسعى التعليم التقدمي إلى تعزيز الديمقراطيّة في البيئة المدرسيّة وكذلك في الحياة الاجتماعية. يتميّز المنهاج، وفقًا لهذه الفلسفة، بالمرونة و المراعاة للفروقات الفرديّة واستراتيجيّات التعلّم النشط.

ان إعادة البناء هي فلسفة متابعة للتقدمية تشاركها جميع وجهات نظرها تقريبًا و لكن تتمسّك بالمقاربة الأنثروبولوجية-الاجتماعية التي من شأنها أن تضع المدارس أمام مسوليّة إعادة بناء المجتمع. تطورت فلسفة إعادة البناء من منظور نقدي لعمل التقدميين الذين ركزوا كثيرًا على احتياجات الطفل ، وأحيانًا على حساب الاحتياجات المجتمعية. تتمثل أهداف المنهاج، بحسب هذه الفلسفة، في تحسين وإعادة بناء المجتمع والتغيير والإصلاح الاجتماعي. وبالتالي ، أصبحت دراسة المشكلات الاجتماعية المعاصرة محور المحتوى. أنّ مناصري فلسفة إعادة البناء يدركون المشاكل التي يعاني منها المجتمع، والظلم الذي يتعرض له ابنائه كتلك الناشئة عن عدم المساواة العرقية والجندرية والاجتماعية والاقتصادية. فهم يفترضون أن الغرض من التعليم هو تسهيل بناء مجتمع جديد وأكثر عدالة يوفر أقصى قدر من الرضا لجميع أبنائه. يتم تخطيط منهج إعادة البناء لمساعدة المتعلّمين على اكتساب المهارات والمعارف و القيم التي تؤهلهم كي يصبحوا قادرين على تقييم السياق العام و استدراك المشكلات و ابتكار و تطبيق الحلول لتحسين حياة الناس وتعزيز العدالة الإجتماعيّة والإستدامة في المجتمعات.

من خلال ما قرأناه في الإطار المرجعي، و تحديدًا في ما يخص رؤية التطوير و سمات المتعلم و المجتمع و المدرسة، انّ ما تمّ تبنيّه من الفلسفات لبناء المنهج ليس واضحا” ، ولكن يمكننا القول بأن هناك شبه تبنّي للفلسفة الجوهريّة حيث نستشفّ من قراءتنا بأنه قد تمّ تسليط الضوء على حاجات المجتمع بيئيًّا و اقتصاديًّا و العمل على “ربط التطويرات المتوخّاة في القطاع التربوي بتلك المتعلّقة بإنماء المجتمع اللبناني و تنمية اقتصاده في المستقبل”. و هنا يكمن التساؤل: كيف يتمكّن المتعلّم من تلبية حاجات المجتمع اذا لم تُلبَّ حاجاته التعلّميّة بالإنسجام مع سماته الفكرية والاجتماعية والعاطفية والجسدية و خاصّةً في ظلّ ما نختبره من فاقد تعليمي لدى المتعلمين من جرّاء الجائحة و التدهور الإقتصادي؟ وهل يمكن إنماء المجتمع اللبناني من خلال تحديد حاجات المجتمع و تلبيتها فقط أم علينا بإعادة بنائه؟ ألم يحن الوقت لتجهيز الشباب اللبناني بالقيم اللازمة والإستثمار في ابداعه و مهاراته القياديّة ليبتكر و يبني هذا المجتمع من جديد؟! ألم نكتفي من تطبيعه بمناهج تحدّد ما يحتاج المجتمع من وجهة نظرها؟!

فمن هذا المنطلق ولضمان منهاج متكامل لا بدّ من تحديد مظلّة فلسفيّة واضحة تتناسب مع واقع المجتمع اللبناني الذي يحتاج الى اعادة بناء حيث يصبح مختبرًا للمتعلّم الباحث الذي يتمتّع بدراية جيّدة وبفهم أعمق للمعايير والقيم المستدامة والمفكّر النقدي والمبتكر والقائد القيمي والمخطّط الإستراتيجي النظمي و المناصر للقضايا المحقّة.و تكون المدرسة مسرحاً لديمقراطيّته يمارس فيها حقوقه وواجباته في بيئة قائمة على الحوكمة الرشيدة والعدالة الإجتماعيّة. و يكون المعلّم نموذجًا ميسّرًا مؤمنًا بقدرات تلاميذه مهما اختلفت و تيرة التعلّم لديهم.

دكتورة هنادي شاتيلا

محاسب

هنادي شاتيلا حاصلة على دكتوراه. في التعليم من جامعة ماكواري في سيدني. أستراليا (2005). هي أستاذة وباحثة في الجامعة اللبنانية، كلية التربية. بالإضافة إلى التدريس في دورات البكالوريوس والدراسات العليا، كان الدكتور شاتيلا هو المنسق الرئيسي لمكتب التدريب العملي في الكلية (2019-2023). وتشغل حاليًا منصب رئيس قسم العلوم والرياضيات في فرع كلية التربية. شارك الدكتور شاتيلا وساهم في العديد من المؤتمرات والفعاليات وورش العمل المحلية والدولية. مجال اهتمامها الرئيسي: برنامج تعليم المعلمين ونظرية المعرفة في العلوم والتنمية المستدامة.

الدكتور نزار المهتار

 عضو

نزار المهتار حاصل على درجة الدكتوراه. دكتوراه في التربية الكيميائية من الجامعة اللبنانية (2015). يشغل حالياً منصب أستاذ مساعد في التربية في جامعة هايكازيان (بيروت، لبنان). قبل ذلك، عمل كمدرس ومنسق أكاديمي ومطور مناهج ومستشار تعليمي ومدرب في سياقات ومستويات مختلفة من التعليم الثانوي والعالي ومشاريع تحسين المدارس.

الدكتور عمر القيسي

 عضو

عمر القيسي حاصل على الدكتوراه. حصل على درجة الدكتوراه في التربية والماجستير في القيادة التربوية من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، والبكالوريوس في الأدب الإنجليزي من الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB)، لبنان. الدكتور قيسي هو زميل تدريس في التربية في كلية موراي هاوس للتعليم (2019 – وما بعده)، جامعة إدنبرة، المملكة المتحدة. تشمل تخصصات الدكتور القيسي علم اجتماع التعليم، وسياسة التعليم، والسياسة، والتعليم (مع التركيز على الجغرافيا السياسية) وإنتاج المعرفة والمعرفة في العلوم الاجتماعية (مع التركيز على الواقعية النقدية).

دكتورة لينا علم الدين

 عضو

لينا علم الدين حاصلة على درجة الدكتوراه. في العلوم التربوية من جامعة القديس يوسف (USJ). وهي مستشارة وأستاذة جامعية وناشطة ومدربة ومناصرة. يتمتع الدكتور علم الدين بمعرفة وخبرة واسعة في نظرية فيجوتسكي الاجتماعية والثقافية، وتحديدًا في تطبيقها على تصميم دورات تعليم الكبار. بالإضافة إلى تطوير التخطيط الاستراتيجي والحملات، فهي متخصصة في إنشاء مراكز الفكر وشبكات الحقوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) مع التركيز على ممارسات القيادة المدرسية النسائية.

دكتورة سناء نعيم شهيب

 أمين الصندوق

سناء نعيم شهيب حاصلة على الدكتوراه. دكتوراه في تعليم الرياضيات من الجامعة اللبنانية (2015). حصلت على البكالوريوس (1988) والماجستير في تدريس الرياضيات (1993) من الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB). عملت منذ عام 1990 كمنسقة رياضيات في المدارس الحكومية والخاصة. تشغل الدكتورة شهيب منصب مديرة مدرسة مارون عبود الثانوية الرسمية منذ عام 2014. وهي حاليًا رئيسة اللجنة الوطنية للرياضيات للامتحانات الرسمية اللبنانية ومدربة ومشرفة على أطروحة الماجستير في تعليم الرياضيات في الجامعة اللبنانية. مؤلف 10 مقالات منشورة.

دكتورة جنان كرامة

الأمين العام

جنان كرامة حاصلة على الدكتوراه. في التعليم من أجل التنمية المستدامة. وهي معلمة محنكة ومديرة مدرسة سابقة مكرسة لتحويل التعليم. بفضل خبرتها في تصميم المناهج المبتكرة التي تتماشى مع مبادئ التنمية المستدامة، تتفوق في التصميم التعليمي والإشراف وتكنولوجيا التعليم والتعليم القائم على القيمة. حاليًا، بصفته رئيسًا للرصد والتقييم في حركة نافدا، يقود جينان التغيير المؤثر في التعليم بينما يساهم أيضًا كباحث ومدرس في جامعات مختلفة.

الدكتور كمال أبو شديد

الرئيس

كمال أبو شديد حاصل على الدكتوراه. دكتوراه في التربية من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة (1997). شغل منصب عميد كلية العلوم الإنسانية والفنون والعلوم التطبيقية في جامعة أميتي-دبي (2022-2023)، وعميد كلية العلوم الإنسانية في جامعة نوتردام-اللويز (2014-2022). يشغل حاليًا منصب أستاذ التربية ومدير مركز البحوث التطبيقية في التعليم بجامعة الدفاع الوطني. نشر الدكتور أبو شديد العديد من المقالات وفصول الكتب ووقائع المؤتمرات والتقارير في مجال التعليم والتخصصات المرتبطة به.