التربية والتعليم وتكنولوجيا المعلومات في البلدان العربية: قضايا واتجاهات- الكتاب السنوي الرابع
عاشت التربية على الدوام تجاذباً بين وظيفتين. فهي من ناحية تؤمّن الاستمرارية، أي أنها تنقل ما هو معروف، وهي من ناحية أخرى ترعى الإبداع والتغيير، أي أنها تدفع المتعلّمين نحو ما هو غير معروف. وعلى الرغم من النجاح النسبيّ للمشروع التربوي إلا أن القرن الجديد يحمل مجموعة جديدة من التحديات والضغوط التي قد لا تكون المؤسسات التربوية في شكلها الحالي على استعداد لها. بل إن أفضل هذه المؤسسات إنما يلبي مجموعة مختلفة من المتطلبات لعصر آخر غير هذا العصر. وقد وضعت هذه التحديات في زمن عصر المعلومات المدارس والنظم التعليميّة في كل أنحاء العالم تحت ضغوط هائلة لانها تتطلب منها ان توفّر لكل صف من صفوفها (إن لم يكن لكل طالب من طلابها) تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويواجَه صنّاع القرار بمفهومين خاطئين، الأول على الصعيد الكلّي والثاني على الصعيد الجزئي. يكمن الأول في الاعتقاد بأن مجرّد تزويد المدارس بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيحدث تحوّلاً في عملية التعلّم، وأن مجرّد الارتباط بالإنترنت سيغيّر عالم طالب العلم. أما المفهوم الخاطئ الثاني فهو أنّ توفير التكنولوجيا يعني الحصول على الحواسيب وضمان الاتصال بالإنترنت. لكنّ التجارب تدل على أن دمج التكنولوجيا بشكل فعّال في النظم التربوية أمر أكثر تعقيداً من ذلك بكثير. إن هذه الورقة هي محاولة لوضع إطار لقضية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التربية والتعليم في سياق كفاح مشروع التربية والتعليم لكي يكون ذا معنى ومتجاوباً وفعالاً في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. فهي تبدأ بتحديد وتحليل تحدّيات أربعة ناتجة عن التحوّلات في المحيط الكوني وتداعياتها على التربية، ثم تستعرض بعض إمكانيات تكنولوجيات المعلومات والاتصال في التعليم، وتحدّد سبعة مَعاملات ضرورية لتحقيق هذه الإمكانيات في نشر المعرفة وفي التعلّم والتدريب الفعّالَين، وفي تحسين جودة الخدمات التربوية.