اللعب في الطفولة المبكرة الفصول – اللعب والتنشئة الاجتماعية

التنشئة الاجتماعية هي نقل الثقافة من جيل إلى جيل  . ويشكل اللعب في مثل هذا التوجه  وسيطاً مناسباً لهذا النقل الثقافي أو اداة مناسبة في عملية التربية. من خلال اللعب والألعاب المبتدعة يقوم المجتمع، بواسطة أجياله المختلفين، ببث مجموعة قيم ومعارف ومواقف يحتاجها المجتمع لتأسيس سلوك متكيف ومساعد على استمراريته. وبحسب لينتون، “فإن لهذا النقل خطوطاً ثلاثة: خط الأسرة، خط الجنس، وخط الأقران… ففي خط الأسرة يتم البث من الأبوين إلى الأطفال، وفي خط الجنس، يتم النقل من الأكبر سنا إلى الأصغر سناً وذلك في الأمور الخاصة بكل من الجنسين، وفي خط الأقران يتعلم الأطفال الأصغر سناً من الأطفال الأكبر منهم بقليل، الأمور التي لا يكلمهم أهلهم عنها”.

أولا: النقل الثقافي من خلال اللعب:

-خط الأسرة:

يشكل اللعب في الأسرة ميداناً رئيسيا للتفاعلات العلائقية ما بين الأهل وأبنائهم. منذ الطفولة يضع الأهل اولادهم في جو من اللعب والتدريب، ويؤمنون لهم الألعاب التي يرونها مناسبة لنموهم. من الألعاب الحسية إلى الألعاب الثقافية المختلفة. ومن ألعاب الطفولة نذكر “زيت زيت يا حجة” وفيها يطبع الكبير باصبعه على كف الطفل، أو لعبة “كبة كبيبة كبوها” والتي تقوم على تدوير الكف على شكل كبة. ويحاول الأهل من خلال مثل هذه الألعاب تعليم الأطفال تقليد هذه الحركات. ولا يخفى في مثل هذه الألعاب الخلفية الثقافية في تسمية الحجة وفي تسمية الكبة.

وفي السابق كانت الألعاب تأخذ تقليدياً شكل التفاعل الجماعي، أهل وأبناء يتشاركون في لعبة مثل “تريمسة يا تريمسة يا حبة العديسة”  أو لعبة الزاقوط أو ألعاب الرقع أو الورق او الأحاجي، أو التشارك في صنع الدمى، إلى ما هنالك من ألعاب تجمع ما بين التسلية والتعلم. وتشكل مناسبات اللعب فرصاً لتبادل اللغة ولتمرير القيم والقناعات والتوجهات. 

ومع التطور ودخول رياح الحداثة إلى مجتمعاتنا، أخذت تقل الألعاب الجماعية، مثلها مثل سائر التفاعلات الاجتماعية. الأهل منشغلون بأعمالهم والأبناء مأخوذون بالشاشة، فتحول اللعب ناحية ادوات ووسائط خاصة بالأطفال. تقل العلاقات القائمة في ما بين الأجيال، وتزيد بالمقابل أوقات الوحدة لدى الأطفال، أو التفاعل ما بين أفراد الجيل نفسه. ومن هنا نلاحظ ازدياد الألعاب الفردية القائمة على التفاعل مع أدوات مادية، أو الألعاب الجماعية لدى الأطفال من العمر الواحد.

إن التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة تضعف أمام دور المؤسسات الأخرى، المدرسة ووسائل الإعلام. وتعويضاً عن هذا الضعف يزداد ميل الأهل إلى شراء ألعاب تحمل عنهم مسؤولية التثقيف والتوعية. ذلك أنه “من خلال الألعاب يستوعب الطفل الأدوار والوظائف الاجتماعية للآباء والبالغين”.

تعرض الألعاب في السوق بوصفها سلعة. والتسويق يعني الجذب والإبهار والتزاحم والموضة. لذلك يحتار الأهل عندما يودون الحصول على لعبة لأبنائهم. أية لعبة يشترون؟ حينما تحمل اللعبة هم التعويض عن الدور الأسري، فإنها تصبح مضاعفة الأهمية. ويصبح “تمجيد اللعبة” أمراً لا بد منه، أضف عليه زيادة الاعتبار التربوي المستحدث للعبة. تتحول اللعبة إلى وعاء للتنشئة الاجتماعية. الدمى المصنوعة والجاهزة، تصبح وسيلة البنات إلى تعلم أدوارهن الأنثوية بدلاً من تبادل التجربة مباشرة ما بين الأم وابنتها. ولعبة البيت بمفروشاته الكاملة تصبح جزءاً لا يتجزأ من العدة التربوية للطفل، بدلا من المشاركة الحية والنشيطة من قبل الأطفال في حياة أسرتهم. 

-خط الجنس:

كان اريكسون (ERIKSON) هو اول من لاحظ فروق الصبيان على البنات في مجال اللعب. وأكد على ميل البنات للعب في الساحات الداخلية المكشوفة، إذ وضعن تصاميم تشابه العرضات الداخلية للبيوت العربية المعروفة، أما الصبيان فكانت أبنيتهم قلاعاً وممرات متعرجة. ويخاف الصبيان من تحطم قلاعهم. أما البنات فيخشين اجتياح الحرمة الداخلية لابنيتهن” . كما تظهر الفروق في اللعب بين الجنسين في العدوانية التي تظهر باكراُ في السنة الأولى، فيبدى الصبيان نزعة للعدوان أشد من نظيرتها لدى البنات ، وتتضح تلك الفروق أكثر في مرحلة الطفولة المبكرة. 

ولكن من أين يتأتى هذا الاختلاف الجنسي؟

اللعب بالدمية والدور الأنثوي: إن الأعداد المتزايدة لنماذج “الدمية” الأنثوية المعروضة في الأسواق تحملنا على النظر في أهمية الدور الذي تقوم به هذه الدمى في تجسيد مفهوم الأنوثة. دمى كثيرة متنوعة وبملابس مختلفة وبألوان شعر متنوعة. وليس من المستغرب أن تتعلق الفتيات بأحدى هذه الدمى لتصبح رفيقة دائمة لها، تقوم بدور الأخت او الصديقة أو الإبنة. وهو دور إيجابي من الناحية النفسية. 

 ولكن ثمة جوانب أخرى للدور الذي تقوم به هذه الدمى، ومنها الجانب الثقافي. للمثال تثير لعبة “باربي” الكثير من التعليقات. فهل باربي نموذج مناسب لتعلم الدور الأنثوي؟ إنها شخصية استهلاكية بامتياز، ملابس واكسسوارات وصديق وعالم من الرفاهية لا ينتهي. نجمة مشعة يتأتى إشعاعها من كثرة تقنيات الظهور لديها. إنها نموذج يؤدي على الأغلب إلى تكريس مفهوم الأنثى/ النجمة  التي تنحصر اهتماماتها بتغذية نرجسيتها المظهرية.

ولا ينحصر الأمر فقط بالجانب السلوكي المباشر في التصور المتعلق بدور اللعبة/الدمية، وإنما إيضا بمجمل محمولها القيمي، من حيث شكلها أي جمالها ومظهرها الذي لا يتوافق دوماً مع النمط الجمالي المحلي. ورب قائل بأن تنوع الدمى يلغي أثر الانحياز لشكل معين، ولكن تنوع الدمى نفسه يخالف وظيفة التعلق المنتظرة من الدمية.

إن الدمية/ العروس التي كانت منتشرة في ما قبل مرحلة اللعبة السوق، كانت تتمتع بمواصفات أكثر إيجابية من حيث كون شكلها عمومياً ليس له قسمات وألوان محددة، وبالتالي فإن البنات الصغيرات كن يستعن بتصوراتهن الجمالية الخاصة لاسبغائها على شكل اللعبة، كما أنهن يصنعن لها الملابس وفقاً لذوقهن الخاص. كانت الدمية فيما مضى أقرب لأن تكون ابنة حقيقية فيما هي اليوم أقرب لأن تكون صديقة.

إلى جانب الدمى/العرائس تنتشر ألعاب مخصصة للبنات، مثل العاب الحياكة والقص والتفصيل، وألعاب الزينة وترتيب المنزل. إنها ألعاب ما زالت رائجة وما زالت تحيل إلى دور أنثوي تقليدي (رعائي وتنسيقي).

اللعب بالدمية والدور الذكوري: لا تنم الألعاب المخصصة للصبيان عن تغير بارز في السلوك الذكوري. فما زالت الألعاب الصبيانية تقوم على القوة والمنافسة وعلى الحركة والتفكير الذهني، وما زالت قيمة المظهر/الوسامة لدى الذكور تأتي في مرتبة أدنى من قيمة الصفات الشخصية الجوهرية. فلا نعرف لعبة/دمية للذكور مرهونة على وسامتها فقط. أما شخصية رفيق باربي فهي مصممة لتلعب بها او معها البنات وليس الذكور.

وعلى رغم التغير الحاصل في أرض الواقع لجهة العلاقة ما بين الجنسين وأدوارهما الجندرية، إلا ان الألعاب الصبيانية الحديثة لا تعكس أي تصور جديد أو مختلف للذكورة. إنها موجهة لصبي ذكي وقوي وشجاع. إلا أن ما يجدر التوقف عنده هو هوية الشخصية المرغوبة، من حيث أن النماذج الذكية والقوية والشجاعة هي في الغالب نماذج أجنبية. ما يترك في الذهن قيمة أعلى لما هو أجنبي.

هذا ما يتعلق بالنماذج/ الدمى الجاهزة التي يشتريها الأهل لأبنائهم، ولكن إذا ما لاحظنا ألعاب الأطفال القائمة على التخيل، مثل اللعب التظاهري (لعبة بيت بيوت مثلا) فإننا سنفاجأ بأن الأدوار المتخيلة التي يؤديها الأطفال ما زالت تقليدية بشكل كبير. فحتى في البيوت التي خرجت فيها الأم إلى العمل وأخذت تشارك الأب في صنع القرار، وحيث ألاب يميل فيها إلى مشاركة زوجته في العمل المنزلي، نلاحظ أن البنت تلعب دور الأم الحاضنة والتي تهتم بالداخل في حين أن الصبي يلعب دور المعيل الذي يعمل في الخارج. ما يعني ان الألعاب المتخيلة تغرف من لاوعي جمعي بدائي، ولا تعكس تلقائياً وقائع الحياة المتغيرة. 

يطرح هذا الأمر إشكالية اكتساب الهوية الجندرية، إلى أي مدى يجري تعلمها، وهل ثمة انعكاس للاختلاف العضوي في ما بين الجنسين؟ تميل ملاحظات ألعاب التظاهر إلى الإقرار باختلاف جوهري بين الجنسين لا ينجم فقط عن التعلم. ولكن بالمقابل لا يغيب عن النظر أيضاً اختلاف السلوك الأسري تجاه الجنسين. إذ يميل الأهل إلى تقديم العرائس والأدوات التي توظف في خدمة الدور الاحتضاني/الإغوائي، في حين يعطون الصبيان مواد البناء والعربات والسيارات والرفوش والآليات العسكرية التي توظف في خدمة الدور الحامي/المبادر. وما يؤكد نظرية التعلم الاجتماعي أيضاً أن الألعاب تصبح متمايزة جنسياً كلما تقدم الأطفال في العمر، أي كلما ازداد تأثير المحيط عليهم. فالأطفال الرضع لا يميزون بين لعبة وأخرى، ولا يبدون أي ميل ناحية نوع معين من الألعاب. ويبدأ التمايز في العاب الأطفال من عمر السنتين والنصف وهو العمر نفسه الذي يبدأ فيه ظهور الوعي بالهوية الجنسية.

– خط الأقران:

كيف تتطور علاقات الأطفال بأقرانهم في مرحلة الطفولة الأولى؟ تشير بعض الأبحاث إلى أن اهتمام الطفل بطفل آخر يبدأ في عمر مبكر جداً. غير أن هذا الاهتمام يتطلب وقتاً لكي يتحول إلى علاقات ذات طابع محسوس. ولكن  قبل استعراض المنحى الذي تجري فيه هذه العلاقات علينا الإشارة إلى عدد من الملاحظات:

-توجد في جميع أدوار الأعمار المبكرة فروق فردية شاسعة. ويتعذر تفسير هذه الفروق الفردية بمجرد الركون إلى التدريب المبكر والاعتماد عليه، فهذه الفروق تظهر في الحقيقة في أعمار جد باكرة تسبق السنتين.

-عدم استقرار اتجاهات الطفل وخصائصه. فهو يبدو على نحو من الانحاء في لحظة، وإذا به على غيرها في لحظة أخرى.

-سهولة حصول النكوص. فالنوبات المزاجية العنيفة شائعة جداً في هذه المرحلة من العمر وهذه النوبات تمثل لدى الطفل نكوصاً يؤدي به إلى أن يسلك سلوكاً متميزاً أكثر من سلوك طفل آخر يصغره في العمر.

تطور علاقات اللعب مع الأقران :

الأطفال في السنة الثانية: يلعب معظم الأطفال في هذه السن بمفردهم بعيدين عن الآخرين وقد يظل الطفل الخجول غير المعتدي في عزلته هذه إلى فترة أطول من الأطفال الآخرين.

الأطفال في السنة الثالثة: يميل الطفل في هذه الفترة من عمره إلى اللعب مع طفل آخر وقد يندمج أحياناً باللعب مع مجموعة من الأطفال تتألف من ثلاثة أطفال أو أربعة. ويقوم في هذه الفترة بمنازعات بسيطة حتى مع أخلص أصدقائه، وغالباً ما تكون تلك المنازعات والخصومات من أجل تملك دمية.

الأطفال في السنة الرابعة: يفضل الطفل في هذه الفترة من العمر اللعب مع فئات قليلة العدد، ويميل كثير من الأطفال في هذه الفترة إلى الزهو والخيلاء، ويغلب عليهم حب الظهور، ويتضاءل النزاع بين الأطفالل ولكنه يستمر لفترة أطول. وكثيراً ما يتشارك الأطفال بالدمى التي لديهم ويلعبون بها مجتمعين.

الأطفال في السنة الخامسة: ليس من المألوف أن يلعب الطفل منفرداً بصورة منتظمة في هذه الدور من عمره ويصرف بوجه عام جل وقته في اللعب مع الأطفال الآخرين.

ومن الأصعب بعد هذا العمر تعيين توجهات عامة للتفاعلات الاجتماعية بين الأقران، إذ تأخذ الفروق الفردية أهمية متزايدة، بحيث يتشابه اطفال من عمر السادسة مع أطفال من عمر الثامنة والتاسعة أكثر مما يتشابهون في سلوكهم مع أطفال من العمر نفسه. ولكن يمكن الاشارة إلى ازدياد الميل إلى اللعب الجماعي بعد السادسة من العمر، ويميل الأطفال إلى التعاون في ما بينهم على نحو أكبر.

ثانياً: اللعب والتنوع الاجتماعي:

إن التنشئة الاجتماعية، هي فعل يمارسه جيل البالغين على جيل الناشئة، و”هذا الفعل متعدد وواحد في الوقت نفسه. إنه متعدد بقدر تنوع المجتمع ضمن بيئات خاصة: ريف مدينة، طبقات وسطى-طبقات عليا، طوائف طبقية castes الخ. وهو واحد لأن التعدد يتضمن، في كل مجتمع، حيزاً أو قاسماً مشتركاً. فليس من مجتمع لا يشتمل على مجموعة من الأفكار والمشاعر والممارسات التي يجري نقلها إلى جميع الأطفال في جميع الأوساط: مجموعة من الأحوال الفيزيائية والأخلاقية التي يعتبر المجتمع ككل أنها يجب أن لا تغيب عن تربية أي طفل”.

يحمل اللعب في طياته عناصر من الحياة الاجتماعية. “فإن أنشطة اللعب تمتد في جذورها إلى كل شعب بشخصيته المتفردة وهويته الثقافية، التي يمكن تمييزها من خلال الألعاب واللعب التي ابتكرها”  .و”مما لا شك فيه أن اللعب في المجتمعات التي تؤكد مصالح المجموعة- أكثر منه في المجتمعات التي تؤكد أهمية الفرد- يكشف عن طبيعة العلاقات الانسانية ( بين الأطفال والكبار، الرجال والنساء، الشيوخ والشباب) كما يكشف لنا عن طبيعة العلاقات بين الإنسان وبيئته”   وعندما تلعب مجموعة معينة من الأطفال فأنهم يتعرفون إلى هذه العناصر المتغايرة تبعاً لانتماءاتهم المتنوعة. ويشكل اللعب بذلك طريقة لتعلم الثقافة وقيم المجتمع، وبهذا فهو يلعب دوراً في التثاقف الاجتماعي( enculturation).  

أ- اللعب والفروقات الفردية:

إن وجود مجموعة  متنوعة من الأطفال، إن من الناحية الجنسية أو من الناحية الثقافية، يسمح لهؤلاء بالتعرف على الاختلافات فيما بينهم وعلى قبولها والتعامل معها. وتبين الدراسات حول وعي الفروقات بأن الأطفال الصغار يعون الاختلاف فيما بينهم، وأن هذا الوعي يتبع نمطاً محدداً متصاعداً من وعي الجندر، إلي وعي الفروقات العنصرية إلى وعي الفروقات لدي المعوقين. وتفيد المؤشرات أن الأطفال يفضلون اللعب مع الأقران الذين يشبهونهم. ويبدو أن هذا الوعي يتأثر بتدخلات خارجية أكثر من مجرد المشاهدة البصرية للمختلفين”.

ب- اللعب والاختلاف الطبقي:

ثمة فكرة شائعة ترى بأن اللعب الخيالي/ التظاهري/ الدرامي هو أكثر ممارسة من قبل الأطفال من فئات اجتماعية أعلى. وفي دراسة أجريت حول سلوك اللعب في الداخل لدى أطفال من عمر ثلاث سنوات، بينت نتائجها أن الأطفال من فئات اجتماعية وسطى يظهرون ميلا بنائياً(تحريك الاشياء بغرض بناء أو خلق شيء ما)، وتشاركياً وتعاونياً أكثر من الفئات الإجتماعية الأدنى، كما أن الألعاب السوسيودرامية تزيد لدى الاوائل أيضاً في حين ينخرط الأطفال من الطبقة الاجتماعية الأدنى أكثر في لعب متوازي وفي لعب وظيفي (نشاطات عضلية) أكثر من أطفال الطبقة الوسطى .

وتتأثر أنماط اللعب لدى الفئات الاجتماعية المختلفة بالنمط التربوي السائد في البيت، وبمدى الحرية المتاحة للأطفال لممارسة اللعب، إن في الداخل أو في الخارج. والملاحظ في مجتمعاتنا أن العاب الصبيان خارج المدرسة تزيد عن العاب البنات خصوصاً في الفئات الأدنى اجتماعياً، وبالتالي فإن اللعب المتعلق بالنشاطات الحركية والعضلية يشيع أكثر لدى الصبيان. في حين يشيع اكثر اللعب الدرامي الداخلي لدى البنات، ويزداد الاختلاف الجندري اكثر كلما تدنى المستوى الاجتماعي.

ثالثاً: دور المعلمة في مجال التنشئة الاجتماعية:

أ- تأمين ألعاب مختلفة:

من المفيد في هذا المجال أن تكون المعلمة على وعي بالخلفية الاجتماعية للأطفال، لأنها بذلك تكون قادرة على فهم طبيعة الألعاب الجارية، كما تستطيع ترتيب وضعيات يتم فيها تبادل هذه الألعاب والتفاعل فيها.

كما أن تشجيع اللعب بين المجموعات المختلفة (صبيان وبنات، مناطق وطوائف مختلفة)

من شأنه كذلك تعليم الأطفال عن أنفسهم وعن الآخرين وقبولهم للإختلاف.

  ب- اتباع منهج متنوع:

بما أن دور المعلمة لا ينحصر بشخصها فقط وإنما بمجمل السياسة التربوية المعتمدة في الروضة، فيجدر والحال هذه أن يكون لدى المدرسة تصور حول اهمية اللعب من الناحية الاجتماعية وليس فقط من الناحية التعليمية. ومن الضروري ان تؤمن المدرسة انواعاً من اللعب المختلفة ليس فقط وفقاً للتنوع الثقافي والاجتماعي السائد في المجتمع المحلي وإنما أيضاً على صعيد الألعاب المتعلقة بثقافات أخرى. على أن تقوم المعلمة وفقاً لمحاور العمل بتقديم هذه الألعاب انطلاقاً من خلفيتها الثقافية على سبيل المثال تضع المعلمة في تصرف الأطفال دمى ترتدي ملابس تتعلق بمناطق اخرى.

ويمكن الاستفادة أيضا من نشاطات الطبخ والموسيقى، بحيث يطلب من الأطفال إعطاء اسماء طبخات يأكلونها في البيت، بعد أن يسألوا أهلهم عنها. أو عن طبخة التيتا حتى يمكن للمعلمة ان تميز معهم انواع الأكل المحلي وغير المحلي. 

وفي لبنان لدينا فرصة رائعة لاختبار التنوع وقبوله من خلال الاعياد المختلفة والاحتفالات ذات الطابع الخاص في كل مرة. ويمكن للروضة ان تهيئ أجواء هذه الأعياد بشكل جذاب وأن تعمل على شرح مضامينها العامة بما يتناسب مع الامكانيات المعرفية للأطفال. ويشكل رمضان حدثاً سعيداً للأطفال بأجوائه المختلفة وانواع الأكل والحلوى والبرامج التلفزيونية الخاصة به، وكذلك عيد الأضحى وما يشاهده الأطفال من زينة مرحبة بالحجاج العائدين، كما يشكل الميلاد والفصح أيضا حدثين سعيدين بالأجواء التي يتضمناها، شجرة الميلاد وبابا نويل وهما أصبحتا رموز ثقافية جميلة للأطفال وأيضا تلوين البيض وتفقيسه، إلى العديد من المناسبات الأخرى، التي على المدرسة أن تضع لائحة بأهمها وتضمها إلى انشطة المنهج.

ج- ترتيب اولويات:

وبالطبع إن الدعوة إلى الانفتاح على الآخر والتعامل مع مختلف الفروقات على أنها تستحق التقدير، لا تعني أن يغيب عن الذهن أننا نعيش في مجتمع معين ننتمي إليه ونلتزم تربوياً بمسيرة استمراره وتطوره، من خلال تربية اجيال متمسكة بثقافتها وبشخصيتها، وبالتالي هناك عدد من الأولويات التي ينبغي أن تحضر في المنهج المعتمد، ولا نغالي إذا قلنا أنها يجب ان تتضمن بعداً وطنياً. إن التنوع لا يعني بالضرورة تعدداً، وعلينا الانتباه إلى هذا الفارق. إن التنوع الذي نسعى إليه هو ما يعطي الوحدة غنى وأبعاداً، وليس ما يشرذمها ويجعلها تبدو متنافرة. إن ما يجمعنا كلبنانيين يجب أن يوضع في أولوية الأهداف التربوية للمناهج المدرسية في مختلف مستوياتها. وإذا كنا في البيوت نستطيع ان نعطي ثقافات فرعية لأبنائنا فإن على المدرسة ان تتجاوز ذلك إلى تهيئة شخصية مواطنية لبنانية واحدة. إن المواطنية هي الهدف الأول للتنشئة الاجتماعية المدرسية. وهذه المواطنية يجب تفنيد عناصرها وتحويلها إلى في المناهج إلى برامج وأفكار وأنشطة وذلك تبعا لمستويات التعليم.

إن مهمة معلمات الروضة ليست تقنية ولا يمكن أن تكون. لا بل ان الجانب التقني في مرحلة الروضة يبدو، على الرغم من أهميته، أضعف الجوانب في تربية الأطفال الصغار. ومن المهم أن تعرف المعلمة أنها تتعامل مع افراد في طور بناء مواطنيتهم، وأن هدفها الأهم هو مساعدتهم على بناء هذه المواطنية الايجابية. لذلك نقترح أن تتضمن مناهج اللعب في الروضة أنشطة ذات طابع وطني، الاحتفال بعيد الاستقلال مثلا، وثمة ألعاب عديدة مناسبة في هذا المجال  ، او الاحتفاء بجمال طبيعة لبنان وتحسيس الأطفال بها، من خلال إتاحة الفرصة لهم للتعرف على مناطق مختلفة وعلى ما يجري فيها من ألعاب.

دكتورة هنادي شاتيلا

محاسب

هنادي شاتيلا حاصلة على دكتوراه. في التعليم من جامعة ماكواري في سيدني. أستراليا (2005). هي أستاذة وباحثة في الجامعة اللبنانية، كلية التربية. بالإضافة إلى التدريس في دورات البكالوريوس والدراسات العليا، كان الدكتور شاتيلا هو المنسق الرئيسي لمكتب التدريب العملي في الكلية (2019-2023). وتشغل حاليًا منصب رئيس قسم العلوم والرياضيات في فرع كلية التربية. شارك الدكتور شاتيلا وساهم في العديد من المؤتمرات والفعاليات وورش العمل المحلية والدولية. مجال اهتمامها الرئيسي: برنامج تعليم المعلمين ونظرية المعرفة في العلوم والتنمية المستدامة.

الدكتور نزار المهتار

 عضو

نزار المهتار حاصل على درجة الدكتوراه. دكتوراه في التربية الكيميائية من الجامعة اللبنانية (2015). يشغل حالياً منصب أستاذ مساعد في التربية في جامعة هايكازيان (بيروت، لبنان). قبل ذلك، عمل كمدرس ومنسق أكاديمي ومطور مناهج ومستشار تعليمي ومدرب في سياقات ومستويات مختلفة من التعليم الثانوي والعالي ومشاريع تحسين المدارس.

الدكتور عمر القيسي

 عضو

عمر القيسي حاصل على الدكتوراه. حصل على درجة الدكتوراه في التربية والماجستير في القيادة التربوية من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، والبكالوريوس في الأدب الإنجليزي من الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB)، لبنان. الدكتور قيسي هو زميل تدريس في التربية في كلية موراي هاوس للتعليم (2019 – وما بعده)، جامعة إدنبرة، المملكة المتحدة. تشمل تخصصات الدكتور القيسي علم اجتماع التعليم، وسياسة التعليم، والسياسة، والتعليم (مع التركيز على الجغرافيا السياسية) وإنتاج المعرفة والمعرفة في العلوم الاجتماعية (مع التركيز على الواقعية النقدية).

دكتورة لينا علم الدين

 عضو

لينا علم الدين حاصلة على درجة الدكتوراه. في العلوم التربوية من جامعة القديس يوسف (USJ). وهي مستشارة وأستاذة جامعية وناشطة ومدربة ومناصرة. يتمتع الدكتور علم الدين بمعرفة وخبرة واسعة في نظرية فيجوتسكي الاجتماعية والثقافية، وتحديدًا في تطبيقها على تصميم دورات تعليم الكبار. بالإضافة إلى تطوير التخطيط الاستراتيجي والحملات، فهي متخصصة في إنشاء مراكز الفكر وشبكات الحقوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) مع التركيز على ممارسات القيادة المدرسية النسائية.

دكتورة سناء نعيم شهيب

 أمين الصندوق

سناء نعيم شهيب حاصلة على الدكتوراه. دكتوراه في تعليم الرياضيات من الجامعة اللبنانية (2015). حصلت على البكالوريوس (1988) والماجستير في تدريس الرياضيات (1993) من الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB). عملت منذ عام 1990 كمنسقة رياضيات في المدارس الحكومية والخاصة. تشغل الدكتورة شهيب منصب مديرة مدرسة مارون عبود الثانوية الرسمية منذ عام 2014. وهي حاليًا رئيسة اللجنة الوطنية للرياضيات للامتحانات الرسمية اللبنانية ومدربة ومشرفة على أطروحة الماجستير في تعليم الرياضيات في الجامعة اللبنانية. مؤلف 10 مقالات منشورة.

دكتورة جنان كرامة

الأمين العام

جنان كرامة حاصلة على الدكتوراه. في التعليم من أجل التنمية المستدامة. وهي معلمة محنكة ومديرة مدرسة سابقة مكرسة لتحويل التعليم. بفضل خبرتها في تصميم المناهج المبتكرة التي تتماشى مع مبادئ التنمية المستدامة، تتفوق في التصميم التعليمي والإشراف وتكنولوجيا التعليم والتعليم القائم على القيمة. حاليًا، بصفته رئيسًا للرصد والتقييم في حركة نافدا، يقود جينان التغيير المؤثر في التعليم بينما يساهم أيضًا كباحث ومدرس في جامعات مختلفة.

الدكتور كمال أبو شديد

الرئيس

كمال أبو شديد حاصل على الدكتوراه. دكتوراه في التربية من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة (1997). شغل منصب عميد كلية العلوم الإنسانية والفنون والعلوم التطبيقية في جامعة أميتي-دبي (2022-2023)، وعميد كلية العلوم الإنسانية في جامعة نوتردام-اللويز (2014-2022). يشغل حاليًا منصب أستاذ التربية ومدير مركز البحوث التطبيقية في التعليم بجامعة الدفاع الوطني. نشر الدكتور أبو شديد العديد من المقالات وفصول الكتب ووقائع المؤتمرات والتقارير في مجال التعليم والتخصصات المرتبطة به.